Saturday, October 4, 2014

قراءة لخطيبي الطيني

 
عن قصص خطيبي الطيني

 عبدالكريم يحيى

2014-10-02
تَرجَمَ جمعة الجبَّاري المجموعة القصصية (خطيبي الطيني/دار الجمل- 2013) للقاصَّة كازيوَه صالح التي بدأت بعنوان (قصص تويترية) (رفعَ السبت صوتهُ عليَّ وأسمعَ صوته لخلايا دماغي. وأومأ الأحد برأسهِ لكلامهِ وقال: ربما لا يفهم أننا خلقنا للبساتين وسواحل البحار، وليس أتربة المكتبات/ص5) نص تأمُّلي تجريدي أقربُ إلى الشَّذَرةُ،  يتحدث عن ضغوط اليَنْبَغِيَّة في عطلة نهاية الأسبوع: أين ينبغي أنْ أذهب؟ إلى الساحل أم المكتبة؟ ولدينا البستان أيضاً! ولدينا أَتْرِبَةُ المكتبات!. السِّياق عن ضرورة الترويح عن النَّفس وَسَدُّ حاجتها إلى الاستجمام، والحديقة في اللغة الفارسيَّة: بُستان، والبستان كالحقل للفلاح، والحديقة للاستجمام. والمكتبة بناية ينتشرُ فيها الغُبار، وأغبِرة: ما دقَّ من التُّراب أو غيره بحيث يسهل تعلّقه في الهواء. هنا إحالة إلى نسبة اهتمامهِ بالمعنى إلى اللفظ، وربما ترجمة الجملة بحسب السياق (ربما لا يفهم أننا خلقنا للحدائق وسواحل البحار، وليس أغْبِرَة المكتبات). وهناك جمل مُربِكة (بادلت يوتوبيا المكان النظرات مع روحي/ص7) البَدَل: يوتوبيا المكان. المُبدَلْ منهُ: النظرات مع روحي. وهو بدل اشتمال (النَّظرات في روحي: يوتوبيا المكان). (رفَعَ أبناء أعمامي وأبناء خالاتي المراهقين والبالغين أصواتَ تنديداتهم) تكتب (يحولوا غرفة جَدِّي للضيوف إلى ساحة حرب/ص7) ..

كسليم بركات تعتمد القاصة كازيوَه صالح اللغة أكثر من اعتمادها على المتن الحكائي أو السردي، وهذا الاتِّجاه يُشَكِّل التحدي الأكبر للمترجم، لأنَّ النص يفقد جوهره اللغوي أثناء عملية الترجمة: قصة (شجرة تفاج جدي) تجريديةٌ حدَّ التأمل في المنافسة الحزبيَّة على كسب المزيد من النفوذ والأعضاء مع غضِّ النَّظر عن الفساد الكبير الذي ينتشر في البلاد جرَّاء هذه المنافسة. وبقية القصص كذلك تجريدية وواضحة في نفس الوقت، لكن استوقفتني قصة (مَنْ الذي كشفَ جريمة القتل؟) ليس لأنَّها فازت بالجائزة الأولى في مهرجان آميتا الإيطالي عام 2001، بل لأنَّها تجريدية أيضاً واستبدلت شجرة التفاح بكلب يبيع البالونات وجثة ومظلة (وكلما قالوا له كم من سنين أخرى ستظل هذه المظلة المتربة معلقة هناك؟/ ص48).  و(الغيمة تهزم ويبدأ هو أيضاً على أثرها، والمطر ينهمر فيبكي هو أيضاً. البرق ينزل فيقول: ربما السماء تبكي لبعد الأرض عنها واحتلالها من قبل الإنسان وتكاد لا تبقى منها بقعة مكشوفة فترويها السَّماء، لِمَ لا؟ فالإنسان يحب التملك أكثر من أيِّ كائنٍ آخر/ ص47) و(كان والدها يغضب دائماً: لا تجننيني يا فتاة، فعندما أنظر إلى بيتك كأنَّما أعيش في عالمٍ آخر، ما هو سِرُّ المظلة والجثة والكلبة في هذا البيت/ص50) لكنَّ في هذه الصفحة انقلبَ الكلبُ كلبة، وصارت الظبية لِصَّة، لتظلَّ المغامرات والأسرار صنعة أدغار ألن بو. (كانت واقفة أمام باب المستشفى تبكي بحرارة، الذي أثار إعجاب النَّاس هو بكاؤها، فهذه هي المرة الأولى التي يرونَ فيها كلبة تبكي، بيد إنَّ ذلك لم يكن بالغريب لديَّ، صحيح أنني لم أرَ سابقاً كلباً يبكي/ص51) ، وكما يحدث في النهاية الشهيرة لدستوبيا جورج أورويل “مزرعة الحيوان” حيث تتنقل أنظار الحيوانات بين الإنسان بلكينجتون والخنزير نابليون (تتنقَّلُ أنظار الحيوانات من الخنزير إلى الإنسان، ومن الإنسان إلى الخنزير، ثم من الخنزير إلى الإنسان، ثم يصبح من المستحيل القول من هو الإنسان ومن هو الخنزير)1. وهنا قاومتُ رغبةً في البكاء واحتضنتُ كآبتي.
درع نجيب محفوظ: فرحتُ حين أعلمني السيد كوكل أنَّ المجموعة القصصية فازت بجائزة درع نجيب محفوظ للعام 2013 والتي منحتها مؤسسة نجيب محفوظ عن روايتها "خطيبي الطيني". وهي مؤسسة رفيعة المستوى الثقافي من اسمها ومن أعضاء مجلس إدارة المؤسسة البالغ عددهم (250) ناقد وروائي وشاعر وإعلامي. وهذه الجائزة تختلف عن جائزة نجيب محفوظ التي تمنح لإحدى الروايات الحديثة في حفل يقام كل عام في 11 ديسمبر يوم مولد نجيب محفوظ ، رغم أنَّ الجائزتين مختلفتان لكن المكان واحد وهو الجامعة الأمريكية.

1 جورج أورويل- مزرعة الحيوان- ترجمة صبري الفضل- الهيئة المصرية العامة للكتاب- 1997- مكتبة الأسرة- ص217.
  جريدة الاتحاد
http://www.alitthad.com/News_Details.php?ID=22400


No comments:

Post a Comment